وإذ ينحاز الكتاب إلى مصطلح "الثورات العربية" فإنه يُنبِّهُ كيف "أن مصطلح 'الربيع العربي' الذي صُكّ في الإعلام الغربي، ويراه البعض استشراقياً أيضاً، ينقل قسراً حراك الثورات العربية إلى مسار 'الدمقرطة الافتراضي' الذي تقوده شعاراتياً الولايات المتحدة الأميركية، وهو نقلٌ يَحرمُ أبناء هذه الثورات ومن ماتوا لأجلها من مُلكيتهم الحصرية لها".
وفي الجملة، يبدو نشرُ هذه المقدمة، فضلاً عن كونه تقديماً لكتابٍ يستحق الانتظار والقراءة، مدخلاً لتنظيم عمليات التحليل لظاهرةٍ رئيسةٍ لعبت دوراً مؤثراً في الثورة السورية تتمثل في جماعات الإسلاميين السوريين على تنوعها، سعياً لمزيدٍ من الفهم لتلك الظاهرة المُعقّدة التي أثّرَت في مجريات الثورة وتأثرت بها، وبشكلٍ قد يكون مصيرياً في الاتجاهين. ونحن، في معهد العالم للدراسات، إذ نُعيد التعبير عن الشكر للمُحرِّرَين، فإننا ننظر إلى مثل هذه المبادرة المتميزة على أنها خروجٌ شُجاعٌ ومدروس على تقاليد (الملكيّة المُطلقة للُأفكار)، حيث يبدو في عقلية (تجارة الأفكار) من المحرمات السماح لمثل هذه المقدمة بالظهور للعلن قبل صدورها في الكتاب صاحب العلاقة. وهو ما يُعتبر مفرق طريق في عمليات التنوير الثقافي يحفظ للباحثين حقوقهم الطبيعية بحرفنةٍ واعتدال، دون أن يصل إلى مرحلة الحرص المذعور عليها، ولو كان في ذلك حرمان المتابعين من فرصةٍ ربما يكون فيها كثيرُ إضافة لمعرفتهم، وتحديداً في موضوعٍ حساس، الأصلُ أن الجميع يبحثون عن المصلحة العامة في كل ما يتعلق به من قريبٍ أو بعيد.
وفي سياق تعددية التجارب والنتائج التي قاربتها فصول الكتاب، يمكن رصد بعض الملاحظات الإجمالية ذات العلاقة المباشرة بمشاركة الإسلاميين في الثورات العربية ومآلات ما بعدها:



